لا تخفى قيمة الأسطورة الأرجنتينية دييجو أرماندو مارادونا كلاعب على أحد، لكن الوضع لم يكن كذلك بالنسبة لمكانته كمدير فني.
مارادونا الذي يعتبره كثيرون، أفضل لاعبي العالم في القرن العشرين، بينما يراه آخرون يتقاسم اللقب مع الجوهرة البرازيلية بيليه، لم يدون لنفسه تاريخاً كبيراً كمدرب مثل نظيره داخل العشب الأخضر.
ما وجده دييجو، وهو نفس ما عانى منه لاعبون كثيرون، من أمثال ميشيل بلاتيني وغيرهم، فيما يتعلق بدخول تاريخ الساحرة المستديرة كلاعب، ثم تفشل في مجال التدريب.
يصعب الحديث بشكل تفصيلي عن إنجازات مارادونا كلاعب لأنها لا حصر لها، ولكن سنسرد ما حققه مع الأندية الشهيرة الـ3 التي مثلها، بجانب منتخب الأرجنتين بفئتي الشباب والفريق الأول.
مارادونا مثّل العملاق الأرجنتيني بوكا جونيورز في فترتين؛ الأولى من 1981 إلى 1982، والثانية من 1995 إلى 1997، حيث سجل معه 35 هدفاً خلال 70 مباراة، متوجاً معهم بلقب الدوري المحلي نسخة عام 1981.
بوكا جونيورز كان الفريق الذي انطلق منه سحر دييجو حول العالم، في رحلات صوب برشلونة ونابولي، وبينهما مسيرته الأسطورية في كأس العالم 1986.
في برشلونة لعب دييجو 58 مباراة فقط من 1982 إلى 1984، لكنه سجل عدداً كبيراً من الأهداف مقارنة بالمباريات، وصل إلى 38 هدفاً رغم أنه ليس بالمهاجم الصريح.
مع البارسا توج مارادونا بـ3 بطولات، هي الكأس الإسبانية والسوبر المحلية وكأس الدوري، وجميعها خلال عام 1983.
أما في نابولي، فقد كتب دييجو تاريخ فريق الجنوب الإيطالي، حيث قادهم للقب الدوري المحلي مرتين عامي 1987 و1990، واللقب الأوروبي الوحيد في تاريخ النادي “يويفا كاب” عام 1989، وهي 3 إنجازات لم تتكرر في “بارتينوبي”، بالإضافة للسوبر الإيطالي في 1990 وقبله الكأس المحلية عام 1987.
ومع منتخب الأرجنتين، حقق دييجو كأس العالم للشباب نسخة عام 1979، حيث تم اختياره كأفضل لاعبي البطولة.
لكن كأس العالم 1986 في المكسيك كانت أكثر البطولات في تاريخ المونديال التي ارتبط اسمها بلاعب واحد وهو دييجو، الذي كان سر توهج “التانجو” على مدار البطولة بالأرقام.
في دور المجموعات قاد دييجو فريقه لصدارة المجموعة الأولى على حساب إيطاليا حاملة اللقب، مسجلاً هدف بلاده الوحيد في تعادل 1-1 مع الآتزوري.
في ربع النهائي ونصف النهائي فازت الأرجنتين 2-1 و2-0 على إنجلترا وبلجيكا توالياً، حيث سجل دييجو الرباعية بواقع هدفين في كل مباراة.
ورغم عدم تسجيله في النهائي ضد ألمانيا إلا أن تمريرته الحاسمة منحت التانجو الفوز، تحديدا لزميله لخورخي بروتشاجا في الدقيقة 83 ليضعه في انفراد مع هارالد شوماخر وينجح المهاجم في تسجيل هدف التتويج الشهير في لقاء انتهى بنتيجة 3-2.
مارادونا كان له دور كذلك في تأهل الأرجنتين لنهائي كأس العالم 1990 في إيطاليا، وكان أبرز مساهماته صناعة هدف الفوز 1-0 على البرازيل في ثمن النهائي لكلادويو كانيجيا، بعدما راوغ مجموعة من مدافعي السامبا في انطلاقة عنترية شهيرة.
مارادونا المدرب
بقي مارادونا المدرب مدرباً مغموراً لأقصى حد، رغم أنه قاد منتخب الأرجنتين فنياً في الفترة من 2008 إلى 2010، لكنه لم يقدم معه النتائج المرجوة.
في حملة الأرجنتين بقيادة ليونيل ميسي أفضل لاعبي العالم في 2010، خرج “الألباسيلستي” من ربع النهائي بخسارة تاريخية 4-0 أمام ألمانيا.
وحتى في الطريق لهذه المرحلة، لم تواجه الأرجنتين فريقاً بإمكانه الصمود أمام إمكانيات فردية هائلة للاعبين من أمثال ميسي وأنخيل دي ماريا وسيرخيو أجويرو وكارلوس تيفيز وجونزالو هيجوايين وغيرهم.
ما يعزز الرواية بأن مارادونا فشل كمدرب عاملان؛ الأول أن الأرجنتين لم تتعرض في تاريخها الحديث لخسارة مثل هزيمة ألمانيا 2010، والثاني أن التانجو في المونديال التالي مباشرة تأهلوا للنهائي بالفعل بنفس المجموعة من اللاعبين الموهوبين، قبل الخسارة بصعوبة 0-1 ضد الماكينات.
بعد ذلك درب دييجو فرقاً عربية مثل الوصل والفجيرة في الإمارات، ودورادوس المكسيكي وخيمانسيا دي لا بلاتا الأرجنتيني ومعهم جميعاً لم يحقق أي لقب، أو يكتب تاريخاً يضاهى ولو عن قريب بتاريخه كلاعب، ليبقى أسطورة كلاعب ومغمور كمدرب، حتى فارق الحياة قبل أكثر من أسبوعين، عن عمر يناهز 60 عاما، إثر أزمة قلبية.