من المتوقع أن يوقف البنك المركزي الأوروبي سياسة التشديد النقدي استجابة لمخاوف التضخم
الدوحة، 21 أكتوبر – يتوقع بنك قطر الوطني (QNB) أنه من المرجح أن يقوم البنك المركزي الأوروبي بتعليق سياسة التشديد النقدي مؤقتًا بسبب انخفاض معدلات التضخم والتحديات المالية الحالية والهشاشة الاقتصادية.
وذكر البنك في تقريره الأسبوعي أنه نظرا للأوضاع الاقتصادية الضعيفة، فإن رفع أسعار الفائدة قد لا يكون ضروريا ويمكن أن يشكل مخاطر قد تدفع الاقتصاد إلى الركود العميق.
وشدد التقرير كذلك على أن أسعار الفائدة الحالية ستبقى دون تغيير في المستقبل المنظور حتى يقترب التضخم من الهدف الذي حدده البنك المركزي الأوروبي.
وسلط التقرير الضوء على أن مجموعة من الصدمات الاستثنائية داخل منطقة اليورو واستجابات السياسة الاقتصادية المقابلة أدت إلى ارتفاع مستويات التضخم بين عامي 2021 و2022. وحدثت هذه الزيادة في التضخم خلال جائحة كوفيد-19.
وفي سياق متصل، أشار التقرير إلى أن عمليات الإغلاق قيدت العرض، في حين عززت السياسات النقدية والمالية التيسيرية الطلب، مما أدى إلى زيادات استثنائية في الأسعار من قبل المصنعين وتجار التجزئة. تطور هذا إلى موجة تضخم أكثر اتساعًا مع إعادة فتح الاقتصادات الأوروبية، وتفاقم هذا التضخم لاحقًا بسبب صدمة الصراع الروسي الأوكراني، مما دفع التضخم الإجمالي بسرعة إلى الذروة عند 10.6% في أكتوبر 2022، بعد أن كان عند -0.3% في عام 2020. .
استجاب البنك المركزي الأوروبي لارتفاع التضخم من خلال الشروع في دورة تشديد قياسية لإعادة التضخم إلى مستوى 2٪ المستهدف، والذي انحرف عنه بشكل كبير. وبعد ذلك، تم رفع أسعار الفائدة عشر مرات، ليصل إجمالي الزيادة بمقدار 450 نقطة أساس، ليصل سعر الفائدة إلى 4.5%.
وأشار التقرير إلى أن البنك المركزي الأوروبي أعلن مؤخرًا عن نيته وقف دورة التشديد النقدي نظرًا لأن أسعار الفائدة الحالية تعتبر مناسبة. وإذا تم الحفاظ عليها لفترة طويلة، فإنها ستساعد في العودة في الوقت المناسب إلى معدل التضخم المستهدف.
وحدد التقرير ثلاثة أسباب تشير إلى أنه من المرجح أن يعلق مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي دورة التشديد مؤقتًا، ويتحول إلى نهج الانتظار والترقب لتقييم تأثيره على الاقتصاد. أولاً، حدث تراجع كبير في التضخم من ذروته التي تجاوزت 10%، حيث تشير البيانات إلى أن التضخم الإجمالي انخفض من 10.6% في أكتوبر 2022 إلى 4.3% في سبتمبر من العام الحالي.
وبدأ التضخم الأساسي، الذي يستثني العناصر المتقلبة مثل الغذاء والطاقة، في الانخفاض في أبريل 2023، بانخفاض كبير قدره 0.6 نقطة مئوية في سبتمبر. وظلت التوقعات طويلة الأجل منخفضة، وتقترب الآن من النسبة المستهدفة البالغة 2%. ولذلك، فإن تراجع معدلات التضخم واحتواء التوقعات يدعمان التوقف المؤقت لزيادات أسعار الفائدة.
ومن بين الأسباب الأخرى، رأى البنك أن الدورة المنتظمة لرفع أسعار الفائدة والتطبيع المالي من قبل البنك المركزي الأوروبي قد أدت إلى تشديد الظروف المالية إلى مستويات استثنائية. يوفر مؤشر الظروف المالية لمنطقة اليورو ملخصًا قيمًا لتكاليف الائتمان ويجمع بين معلومات أسعار الفائدة قصيرة وطويلة الأجل. بدأ المؤشر اتجاهًا تصاعديًا ثابتًا في يوليو 2022 وهو حاليًا عند مستويات تم تسجيلها فقط خلال أسوأ مراحل الأزمة المالية العالمية عندما واجه الاقتصاد الأوروبي أزمة ائتمانية وانخفضت أسعار الأصول.
بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة، واصل البنك المركزي الأوروبي عكس اتجاه توسيع الميزانية العامة الذي تم تنفيذه خلال الوباء لدعم النشاط الاقتصادي. وتعمل عملية التشديد الكمي الجارية على استنزاف السيولة الفائضة الناجمة عن تدابير النظام المالي الاستثنائية والمؤقتة. وأدى هذا الانخفاض في السيولة، إلى جانب زيادة تكاليف الائتمان، إلى انخفاض أحجام الائتمان، التي تتقلص الآن بالقيمة الحقيقية وستستمر في الانكماش في الأشهر المقبلة.
من ناحية أخرى، شهد النشاط الاقتصادي ركوداً واسع النطاق خلال النصف الأول من العام، حيث تشير المؤشرات إلى مزيد من الضعف في قطاعي الخدمات والتصنيع. وأدى الصراع الروسي الأوكراني إلى انخفاض توافر الطاقة وزيادة الأسعار، مما أثر بشكل كبير على قطاع التصنيع، مع انخفاض الإنتاج الصناعي بنسبة 4٪ عن ذروته في ديسمبر 2021.
وفي ألمانيا، القوة الصناعية الرائدة في منطقة اليورو، أدت أزمة الطاقة إلى تفاقم الرياح المعاكسة الهيكلية مثل زيادة الضرائب ونقص العمالة، مما أدى إلى انكماش حاد. وفي الوقت الحالي، انخفض قطاع التصنيع الألماني بنسبة 7.4% عن مستواه في فبراير 2020، مواصلًا الاتجاه الهبوطي الذي بدأ في عام 2017. وفي جميع أنحاء المنطقة، كان قطاع الخدمات مرنًا بما يكفي لمنع الركود في الربع الأول. ومع ذلك، تشير المؤشرات قصيرة المدى إلى ركود حديث، أو حتى انكماش واسع النطاق خلال الأشهر الماضية.
